وفي اليوم الثالث نهضت من مَوتها.
هكذا يحدد الكاتب اللحظة المفصليّة في أحداث هذا النصّ. اللحظة التي يُنتَهك فيها المَوت بخيانته والانسلاخ عنه للحظات، اللحظة التي ترتسم معها علاقة الأنثى بالكُتب ومدى صلتها بالحياة.. الكتب التي تصر على اصطحابها معها إلى ما بعد الموت. الأنثى، الكتب والموت: ثالوث يحمل دلالة الخصوبة، المعرفة، واحتضان المَوت لهما، بتمثيله فعل السّكون والديمومة فيه، وذلك في حركة دفن الكتب معها.
يهشّم عبد العزيز بركة ساكن عفونة الجسد المهان ميتًا، ويطيحُ بصمت الموت ويجسر الهوّة بين جسد المرأة ومعرفتها-عقلها. فتنة الحياة في قلب الموت، وعودة الرّوح باتصال الجسد بعقله، واجتماعها كلّها في هيئة الأنثى الميتة، الناهضة من موتها. تنتهكُ الحياةُ حرمة المَوت، ويتحوّل فعل الانفصال إلى حدث اتّصال بعينه، وتصير الأنثى أكبرَ تجلٍ للمعرفة في تلاحم جسدها بالكتب في فعل الدّفن، هذا الفعل الذي يتحلل فيه الاثنان ليلتحما في أعمق وأخطر فكرة تهدد الانسان: الموت.
بقي فقط أن نسأل: هل الشعر، دونًا عن غيره، الذي طالبت المرأة بأخذه معها إلى ما بعد الموت، له سمة الخلود والأبديّة وتحدّي المَوت، تماما كالبطلة؟ هل الشّعر أيضًا أنثى؟