الكتابة الحسّاسة والساذجة والوقحة.هكذا يمكنني تعريف عوالم الشّاعر والفنان الفلسطينيّ وسام جبران وأنا أقدّم للقراء هنا نصّه النثريّ "زبدٌ فوق رمال عكّا". وسام، الذي يشكّل كلّ من الشّعر والموسيقى حاضنته الأولى، ينزاحُ هنا نحو عالَم القصة ليحقّق انجازًا في محور ثالث دون أن يُفقد هويّاته الأولى، الأصيلة والأصليّة، شيئًا من بريقها. دون أن يغدرَ في مجازه الشّعريّ والموسيقيّ. على الرغم من أنّه يرتكب جريمة الشّعراء المعتادة في الانتقال من عالم الشعر إلى عالم النّثر، إلا أنّه يحافظُ بوعيٍ على المسافات الفاصلة بين الأجناس الأدبيّة.
لدى جبران، لا شيء يسيطر على شيء. كلّ نوع أدبيّ يتحكّم في نفسه، مستقلا، بعيدًا، واثقًا من نفسه دون إخلال أو تهافت في شروط الكتابة، ودون طبخٍ عشوائيّ بين أدوات الشعر وأدوات النثر.
بين ليلى وعازم، قصّة حبّ محرّمة، يطوّقها الغزو من جهاتها الأربع، في زمان غير زماننا، وزمان ما زال يشبه زماننا. ووسام يشيد هنا معماريّة تبدأ من الوادع والمستكين، بعدّته النثريّة الواضحة، الجريئة، وينهيها بمخيال إيروتيكيّ حادّ ينزل به كالمطرقة على رؤوسنا، ليبرهن أن الشّاعر في أصله يحمل هنا كومة من الحجارة ويضربُ بها أحلامنا الوديعة عن الحبّ.
لا يستقيل جبران من الشّعر، ولا يطيح بالموسيقى ولا يتملّق للنثّر. لا يؤسس لبنية قصصيّة جديدة، ولا يحمّل الجنس الأدبيّ أكثر من طاقته. لكنّه يضخّ حركةً جديدة، ساخنة وخافتة في معماريّة القصّة.