"أنا حيوانك الأليف".
هكذا يناجي السارد البطل حبيبته ليليان التي ترقدُ أمامَه متمدّدةً دون حراكٍ، في صورةٍ تقفُ على خطّ التماسّ بين الحبّ واللاألفة، بين الحزن ونقيضه الذي لا نعرفه تماما، بين حرقة الغريق في بركة المَوت والألم وحرقة الناجي من محرقة الذاكرة..
ليس غريبًا علينا سرد الخوف، ولا سرد الصّدمة في الأدب العراقي، الذي صارَ يوثّق أنفاسَ المواطن المرعوب حتّى لا يبدّدها الوعد بمستقبلٍ أفضل.
في هذا النصّ القصير، لا بطلَ أكبر من المُعجَم والمفردات، هي التي تتحرّك وتتمدّد فينا، وتطير بنا إلى عالم السّارد، هذا الحيوان الأليف، الكلب الغريب على نظرات البشر مقابل تلكَ الليليان المتمدّدة جثمانًا داخلنا وداخله وداخل مفرداته، تتحرّك، لا تتحرّك، تحبّه، لا تحبّه. لا نقعُ في هذا النصّ على حبكة مهندسة، ولا يعنينا، ونحن ندور في تلافيف الاحساس بالرّعب، أن نبحث عن الحدث. ليليان تموت، ليليان تتحرّك ولا تعود إلى الحياة، وبين المَوت والحركة ثمّة مفرداتٌ توطّن اللاطمأنينة والغربة في شكلِ العاشق المتشائل- السعيد المنحوس، أو ربّما فعلا الحيوان الأليف، الذي يقبع في زنزانة الغربة والخوف والحيّز الجثّة.