تنطلق الحكاية عند صاموئيل شمعون من مصادفة بحتة تجمع الراوي بشخصية أخرى وتنشأ العلاقة بينهما لتبدأ الحكايات في التناسل. في روايته "عراقي في باريس"، والتي صدرت عام 2005، يبني شمعون روايته عبر تقنية الوحدات السردية المغلقة والتي يستدعيها من فن القصة القصيرة. فكلّ فصل يمكن قراءته كقصة قصيرة منفردة ولكنه يشكل حلقة من سلسلة سردية كاملة وبرنامج سردي كامل هو الرواية.
يقدم الأديب في هذا النص مقاربة لوضع المنفي في باريس و قد اختصر في هذا المقطع مآلات طبقتين وتاريخ بلدين، فَيوم عيد الجمهورية كان ذريعة للحديث عن مصير الملكيين وأحفاد الملكية: مشيلين الملكية الفرنسية التي تطارد كلبها وعشاقها بعد أن فقدت حتى زوجها وابن الملكية العراقية المشرد بين حانات باريس ومقاهيها يبحث عن مأوى بعد أن ضاع وطنه بسقوط الملكية.
يشكّل الكلب الضائع صورة للشخصيتين الحالمتين الحزينتين.. حلم ما زال يراود هذه الكائنات الملكية الشريدة باستعادة الأوطان القديمة. نحن أمام نص يقلب فيه أسئلة الذات والأوطان الضائعة، كل ذلك من خلال فكرة الجسد المعروض باعتباره كل ما بقي من ملكية. أجساد فرنسية وعراقية ويابانية تجرها الشخصيات فخاخًا عارية وملاذًا حتى تحولت إلى اوطان جديدة تخزن كل ذاكرة التيه والحنين في أرض الجمهورية. فما الذي سيحدثه ظهور الملكي الأخير؟
بين الاوتوبيوغرافيا والتخييل ينسج هذا النص عالمه كقطعة من الحياة؛ حياة سائبة.