يرى الفيلسوف والأنثروبولوجيّ الفرنسيّ ديفيد لو بروتون أنّنا، على غرار الأطفال، نعيش في عالم مثقل بالروائح، ولا نعيها بالضرورة، لكنّها تؤثر بدون شك على نبرة سلوكنا مع الآخرين. هكذا اقتحم لو بروتون ذلك العالم السّاحر الغامض ليفضح به الإنسان وخطابه المثقل بالعنصرية والكراهية للآخر منذ فقدانه حياده الروائحيّ مع فترة الطفولة. إنّه العالم نفسه الذي فتح إحدى نوافذه الروائيّ المصري صنع الله ابراهيم عبر قصّته "تلك الرّائحة" التي تصدّت لها الرقابة المصرية وهو نفس ذلك العالم الذي فتح بابه باتريك زوسكيند عبر أنف القاتل جون باتيست غرونوي في روايته "العطر". هنا نافذة أخرى يفتحها الفلسطينيّ ناجي ظاهر ليطلّ منها وعبر "تلك الرائحة" على السؤال الأكثر عمقًا والتصاقًا بالكائن البشري، سؤال الموت، وهو الموضوع المسكوت عنه في ذات الوقت كما يؤكد بعض الفلاسفة، فنحن رغم كل نحيبنا الطويل لم نكتب الموت ولم نقله بعد.
هنا قصة ذات نفس سورياليّ؛ قصة من الأدب السوداويّ لا تتوقف عن حَبك مفاجآتها على إيقاعات الموت حتى آخر كلمة.